الأحد، 16 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 3

طبعاً من الأشياء التي لن تغيب عن عينك، بمجرد دخولك لها.. أنهم شعب مسلّح.. السيوف (الجنبية) شيء من التراث الذي لم يتخلوا عنه.. فهو جزء من أناقتهم.. في كل بيت هناك رشاش يسمونه "آلي"، "جست إن كيس" دوما معدّ مشحون.. كل من في عوائلهم يعرف كيف يستخدمها، (أظنهم لن يؤخذوا على حين غرة أبداً) بل وفي إحدى المرات ظهر لي أن سائق التاكسي يملك قنبلة أسفل المقود! حالياً تستخدم الرشاشات فقط لإحتفالات الزواج، الوحدة، الجلاء... أما السيوف فهي للرقص الشعبي! يسمى البرع (على فكرة عشان يقولوا ما يشبه إشرب من البحر، يستخدموا سِير ابترع لك) :]

ممالن يغيب عن عينك أيضاً .. الداء العجيب الذي ينزل بأهلها بعد الغداء، فتنتفخ بها خدودهم!! القات طبعا الصديق اللئيم لأهل اليمن :(
هو عبارة عن عشبة خضراء، يقال بأنها تساعد على التركيز، المزاج، الكيف،.. وعلى قول بعضهم على قيام الليل لدراسة العلم! (سمعت منهم أن الإمام الشوكاني كان يسهر باستخدامها) في باقي العالم هي عشبة مخدرة، محظورة ككل المخدرات! كل طبقات وأفراد المجتمع يستخدمها، على فكرة استخدامها يسمى "تخزين"! الدكتور، السائق، النساء، الشباب، من شئت كلهم يخزن! وفي حفلات الزواج هي أساس الضيافة، يشترون من أجلها مزرعة كاملة!! أو اثنتين!

أدخل قليلاً إلى الكاميرا!
إذا أردت مشاهدة شريط يوم في صنعاء، ستراهم يستيقظون مع الفجر، بروح عالية.. يذهبون بقوة إلى معترك الحياة.. عند الظهر يكونون قد وصلو حد الإحتمال... فلا أقل من قات يطيب خاطرهم، ويحفظهم تحت السيطرة.. في العصر وبعد ذلك المهدئ هم يغنون (على فكرة هم ذوو صوت جميل) و"سميعة" كما يقال.. ولا يذهبون إلى منازلهم ليلاً إلا بتلك الروح العالية، هل هي الحقيقة، لا يهم!!

*****

من حديثي الماضي، واضح أن عجلات التنمية لم تلامس أرض اليمن إلا لماماً.. إلا أنها لم تحرم جمال الطبيعة، وجمال النسيم.. في تلك الرقعة غير الضخمة تقريبا كل أنواع الجو.. في الشمال حيث المرتفعات، الجو باارد شتاء، نعيم صيفاً والأمطار كنت أراها في كل المواسم وربما هي صيفية أكثر.. هناك أيضا الحديدة وسهول تهامة حيث الجو ساحلي تماماً حار معظم السنة مع رطوبة عالية! أما في مدينة تسمى "إب" حيث هي تقريبا أعلى منطقة في اليمن، يسمونها "اللواء الأخضر" فقد رأيت فيها جمالاً لم أره من قبل (لم أغادر السعودية في حياتي إلا إلى كينيا ولمدة بسيطة) هناك شلالات، طبيعة وخُضرة! مطر، وجو عليل! أمسكت بالسحب ذات مرة!!، تعز قريبة منها في الطبيعة والجمال! ثم هناك عدن، ويالها من عدن .. مدينة واحدة تطل على البحر الأحمر المالح، ومياه المحيط الصافية من بحر العرب.. جميلة، أثرية، ذات عبق.. وصدى! ثم هناك حضرموت التي هي تقريباً مثل أجواء السعودية، مناطق صحراوية واسعة جزء منها ساحلي في المكلا، وجزء آخر "المهرة" متصل بصلالة في عمان ولكم أن تتخيلو جمالها!!
اليمن بصفة عامة وليست عدن فقط، تفوح بالعبق.. أينا تذهب هناك حضارة وثقافة!! من سبأ، تبع وحمير إلى الإسلام إلى الخلافات المتعددة، الإمامة، الإستعمار، ثم الحكومة الحديثة والوحدة!

*****

سأختم بالفن هناك، شوارعها ليست هادئة إطلاقاً أينما تذهب هي تصدح بموسيقى، قرآن، نشيد، كيفما اتفق.. كذلك السيارات و "الدباب" أو الميكروباص وسيلة النقل العامة هناك.. لست مهتمة كثيراً بالغناء.. لكن أجبروني أن أنتبه ولو قليلاً .. من مغنيهم أيوب طارش و "بعٍّدوا عن طريقنا .. جنة الحب حقنا" القاف من مخرجها السليم هنا بل وبمزيد من التقعر، لنحافظ على الفن.. :) أيضاً هناك آخر اسمه "فيصل علوي" أذكره لأني سمعت أحدهم يقول أنه يدق العود بأرجله :]
أيضاً أبو بكر سالم، أذكر له أغنية لا يملون تكرارها على الأقل في تلك الحقبة "يامسافر على البلاد، بروحي وقلبي.. سير واتركني هنا لآلام حبي"!!

إحدى تسميات لليمن، هي اليمن السعيد،، لماذا وكيف لست أدري؟؟ لكن كان لي أنا فيها سعادة ...

أنظر إليها أرى الفرح، أرى البؤس.. أرى الغنى الفاحش والفقر الدقع.. أرى العلم أرى النبوغ.. أرى الفساد .. أرى الفرص الضائعة..
أرى النعيم.. أرى النعم.. أرى القمم .. أرى القيعان...
أنظر إليها .. وأتذكر أبو بكر سالم "ومين يشبهك يا يمن.. من يشبهك؟" !!

هناك تعليقان (2):

  1. واو !

    جميل جدًا وصفك ..

    اليمن هي الشقيق الأوسط الذي لا يهتم به أحد !

    ردحذف
  2. حلو تشبيهك :o ..
    يمور بمشاعر وطموحات ..
    ولا أمل في دفعة!
    فنجاحه يكمن فيه هو!

    ردحذف