‏إظهار الرسائل ذات التسميات ذكريات. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ذكريات. إظهار كافة الرسائل

السبت، 20 فبراير 2010

رســــــــالة..

لا أستطيع أن أصف ليلة البارحة، حروفي لا تكفي.. ولا تحمل عمقاً يدل عليها.. أو هكذا أظن!
صباح اليوم، تكتب لي أختي،
"مَساءُ الغيم الذي يُرخي على كتفِ القلبِ دفاترَ الحنين .. مَسَاؤكِ يَاعَائِشَة ..
كنتُ أبحثُ عنْ أقلامِ الكلام بِدُرجِ صَدرِي ، لم يكنْ الغناءُ وحدهُ العصفورُ السكْران بِحنجرتِي ، لأول مرة أرتجفُ من شدة الصقيعِ هُنا ، أقرب أصابعي لشفتِي لأشعر أن الوقتَ يتجمد هُو الآخر كقبلَاتٍ مِن البعيد ..

فِي الغُربةْ كلُّ شيءٍ جائزْ وَ مُباحْ ، البُكاءْ على أنقاضِ بَيْتٍ غارقٍ فِي هزيمِ الهجرِ ، وَ المشيِ لِساعاتٍ طِوالْ دُون أنْ توقفكَ حِكْمةُ أنَّ للموتِ ألوانا وَ أقنعةً وَ رِفَاقا ، و لأنَّ غُرباءَ الوطنْ
يلتقُون فِي أحد القاراتِ الشرسةْ الملآى بِالأحلَامِ الباردة ، لَا أحد و لا إلهَ يمنحُهُمْ رحمةَ الخُبزِ وَرَائِحَةِ البُنِّ العَتِيقَة ..

قَبْلَ يَوْمَيْن حَدَّثَتْني عَن الحَنِين وَعَنْ ابْرَاهِيم .. ثم تلقيتُّ منهَا رِسالةً هذا الصباح جعلتْنِي أحتسي القدحَ الثالث مِن قَهْوَتي وَ أغيبُ وسَط زِحامِ الأفكارِ اليَتيمة ، لمْ يتبقَّى غيرُ الرُّفاتِ يَا أختي ، لَا الدار هي الدار ولَا الغُرْبَةُ تُسْعِفُنِي بنِسْيَانِ غُيُومِ عَيْني سَاعَة الإحْتفَاء بذاكرة هذه العائلة .. والحيَاةُ قطْعَةُ فَحم مغطاةْ بِالعَسَلْ ، وَ نَحنُ فَراشَاتٌ عميْاءْ تلعقُ الحُلْوَ وَ يَقْتلُهَا امْتِصاصُ كُحلِ جناحاتِهَا .
لَا الألوانُ هِي الألوان ولَا الأبجدية تُسْعِفُ هذَا القلْبَ الضّعِيفَ المُكْتَّظ بالحُبِّ وَ النِّداء وَ أطباقٍ عدة مِنَ الحنِينْ ..
أمشِي خلفَ الصَّمتِ ، أشترِي أخباراً لا تُحْكَى ، وَ أقرأُ لأقلام مَاتَتْ مُذْ خَلَقَ اللهُ الحُزنَ بالعراءْ ، وَ أشتهي أنْ لَا أشتهي الوَرْدَ الأحمَر..

هذهِ بريطانيا التِّي حدثُّوك عنْهَا ، بِلَادُ الضباب الغافِيَةْ على أوداجٍ جريحة ، بلد الدَّمع المُتحَجّر ، القَابِضة علَى وِدْيَانِ الشَّوْقِ ، الغُرْبَةْ تقتلُ الإِنْسَانْ أو تُحيِيه .. تُنسِيه وَ تغسِلُ ذاكرتهُ مِنْ عُيُوبِ التَذكرْ .. أوْ تَجْعَله خَلْقاً جديداً كمَا يُحِبّ أنْ يَكُون .. تُرَى هَلْ أنْتِ أنْتِ ؟

كنْتِ غَاضبَةً جدّا ذَلكَ اليَوْم .. أحْبَبْتُ أنْ أقُولَ لَكِ : مُحَمّد ليس سَيّئاً يَاعَائِشَة وَإنّمَا لمْ يَعُدْ أخَانَا ذَلِك الصَّغير ، اختفتْ حلَاوتُهُ لَا غيرْ .. وأصْبَحَ رَجُلاً .. فِي مُدُن الثّلْج ..

عَائِشَة هَلْ أنْتِ حَقّاً هُنَاك .. حيثُ لَا أحد يمسحُ عنكِ وجعَ الزكام ، وَ لَا أحد يتفقدكِ ساعةَ المنام ، وَ لَا أحد يطمئنُ عليكِ إن أنتِ أكلتِ أو شربتِ أو لبسْتِ أوْ اكتويتِ بنارِ الفراقْ .؟؟

أفكر بكل الوداعات وبكل الحقائب التي تنتظر .. وَفي المطارات النبيلة جدًّا حينما تستقبلُ تأوهاتِ الرحيل ، وَ في جوازات السفرِ التي تنتظرُ الختم الدَّولِي وَ التأشيرة التي فِي الجيبِ .. وأفكر بالقلبِ المحروقِ .. المحروق .. المحروقْ .

أشتاقُكِ : - ربما نلتقِي هُناك ، رُبَّما لا نلتقِي ، الأكيد أنَّي و الله لنْ أنْسَى يَوْم الطِّين .. !!"

رددت أقول:
"لم أعرف بماذا أرد! خرجت أمشي وأمشي ... عدت الآن، ولازلت أبحث..
هل أنا أنا.. ومن أنــــــــــــا! ولمـــــــاذا أنا؟؟
للحق أنا من البارحة في هذه الدوامة، ما يجعلك كقارئة فنجان يارحمة!!
ماذا ترين في عقب الفنجان.. بماذا تنبئك تلك الخطوط!
هل أنا .. وماذا، وكيف وأين...
"

الأحد، 11 أكتوبر 2009

طفولة

لم أكن مهملة أيام الإبتدائي إطلاقاً، لكن كانت تعمرني حالة ذهول ربما كان هذا هو أفضل عنوان لها

أحضر المدرسة، أستقر على مقعدي ذاهلة عن زميلاتي وعمّ كانت حكاياهم.. بسرعة رائعة يمضي اليوم تدخل مدّرسة وتخرج أخرى تتكلم هي، أفهم أنا وتمضي لحال سبيلها .. لم يتفاعل أيّ من ذلك داخلي.. لم يقل أحدهم مايلفت النظر أو يستدعي الفكر لذلك كنت تقريبا مغلقة العينين عدا من فرجة صغيرة تسمح للكميات المعرفية البسيطة بالدخول! حتى أذكر أنني لم أعلم كيف أتابع النص بالسطر والحرف كما كان يجب! فالأستاذة تقرأ في السطر الأخير ربما وأنا أستمع واضعة يدي على السطر الثاني :) ما كان منها سوى أن أخبرت الوالدة وهذه مشكلة اقتضتني أن أفهم ماذا يعني تتبع مع المدرّسة فيما بعد.

أتيت بشهادتي نهاية العام الأول وكان ترتيبي ال 13 على الفصل ودرجات كاملة جميعا عدا في القرآن والمطالعة :]

استمر ذهولي ولا مبالاتي، أذكر أنني كنت أنجذب أكثر لتطبيقات الأفكار العملية منها، و يالله كم شغلت بتحضير نبتتي الأولى على القطن، نبتت وكبرت ولم تحتمل رقة القطن حملها.. كنا حينها في خميس مشيط حيث التربة زراعية (*) .. أحضرت أصيصاً (*) ملأته تربة وحبوب طماطم لأنها كانت أسهل ما بإمكاني الحصول عليه، ثم أتبعتها بأصيص آخر لنبتة ريحان، أهدتني بذوره جارتنا العجوز بعد أن رأتني حول أصيصاتي أدندن!

المهم مضت الأيام وأنا أسجل نظرياتهم تسجيلا أصماً، وأكاد أحترق لتنفيذ ما سمعته أو رأيته.. درجاتي كانت شيئا لا أعيه سوى ابتسامة أبي وأمي حينا، وغضبهم أخرى من تدنيها في المطالعة والقرآن لتكون نمطاً عاما في أول 3 أعوام! أذكر أن أبي قام مرة بإطراء بنت صديقه، زميلتي في الصف لتفوقها، علّني أفهم ماذا تعني المراتب الأولى... لكن حكاية "إياك أعني واسمعي ياجارة" لم تؤت أكلها فالجارة كما يبدو "سابت الحتة وطفشت"

لا أدري كيف صرت أهتم بعدها بالتحصيل العلمي، كيف انتقلت عدستا مجهري من الأنا التي كنت أسعدها، إلى "الهم" لترتبط سعادتي بهم..! يجب الإشارة إلى أنني لم أكن طموحة إلى ذلك الحد ولم أتفانى في خدمة "الهُم"أبداً فما أن تلتمع في خيالي أناي المتواضعة حتى أترك كل شيء وأرضيها بشقاوة صغيرة، تفكيك جهاز، إختراع محلول غسيل كاد يودي بحياتي لولا أن الله سلّم .. طبعاً في لحظتها لم أكن أرى عينا الوالدة أوغيرها .. كنت أرى فرقعة ضوء في الأفق تقودني نحوها!

أذكر أنني كنت فيلسوفة إلى حد ما، فأنا أبرر رغباتي بنوايا فاضلة وأهداف سامية.. مثلا مرة كنت أود الهروب من الثلاثي الأدني من الطعام (*) (البصل والثوم والطماطم)

فقلت لأمي جربي ولو مرة أن لا تضعيها، وسترين أن الأكل سيكون لذيذا وذا نكهة مميزة... للأسف لم تنطل عليها تسويقياتي،

فقط جربي!..

أبداً ..

لمِ؟ ...

ياستي العالم بتطبخ كدة من يوم يومها! ..

تأتي إجابتي اللي ما أنساها لليوم و لازلت أستخدمها بأريحية ورأيت بعد أن كبرت أن كثيرين يستخدمونها مثلي أيضاً .. "أيوة يا أمي عشان كدة إحنا ما بنتطور ولا حنتطور ! إذا إنتي لسة بتطبخي زي ما جدتي كانت بتعمل بالزبط!" امههم :@


شيء واحد لازلت أذكره، وربما كان هو من جعلني أنزل إلى الساحة .. لأغنم ما يمكنني أن أغنمه أو لأخسره! في إحدى نتائجي أذكر كنت الثالثة على الصف، ولحظي الجميل شاركتني فيه إحداهن من صويحباتي.. كانت درجاتنا تماما واحدة، والكسور أيضا ..ما سُجل هو أنها الثالثة وأنني الثالثة مكرر لا بأس عدت فرحة للبيت، أقول للناس أنني الثالثة ينظرون إلى الشهادة ويقولون لكن "مُكرر"! حصل أنه كان هناك تكريم أيضا، تم النداء على الثالثة.. ثم بعدها قمت أنا لأستلم عن الترتيب الثالثة "مكرر"، بعد أن بردت حرارة الترتيب.. بل أن الأغلب كان قد تهيأ نفسيا لسماع "الرابعة"..

خلاصة القول أن أحدا لم يعترف لي بذلك فأنا لست الرابعة ولست الثالثة .. شيء بين هذا وذاك! رغم تطابق الدرجات!

ومن يومها وأنا مهتمة بمشاعر فئة المكرر، وأستشعر إحساسهم، وأحامي عنهم! في العام الماضي كان الأوائل على المملكة 10 كلهم الأولى سجلت إحداهن أولاً والبقية لم يحظين باللقب إلا مكرراً. بحق الإله ألا تغيظ أن تكون أنت مكرراً ولم تأتِ بجديد رغم أنك فعلت ما فعله البقية تماماً..

آه..ذكريات الطفولة.. أيام! براءة .. غفلة.. متعة! وفوق كل هذا لم نكن نعي أننا نملك كنوزنا تلك! أيامنا هذه أيضا ستكون كنوزاً في المستقبل.. لكننا نجد متعتنا في براءة الطفولة، ويجد كهولنا متعتهم في نشاط الشباب والشيوخ يندبون عقل الكهول ليرد عليهم الجميع ما أجمل حكمتكم!

أكثر ما يعجبني في سماع حكايات الطفولة، أنها لا تنتهي .. وكما بدأت تنتهي دوماً بحميمية وشغف.. ويقوم كلّنا ليعلن عن عبقريته الضائعة.. ونكاية فينا وفي مشاعرنا يقول د. طارق السويدان أن نسب الإبداع في أعمار الأقل من الخامسة في العادة هي 80%.

-----------------------------------

* (لم أكن أفهم ذلك طبعا) فقط أن الشجر يحتاج لتربة كي ينبت، ربما لو كنت حيث أنا في المدينة سأصاب بإحباط وخيبة أمل!

* (هذه الكلمة منقولة من قصص المكتبة الخضراء :)

* من الآية "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير"

الأحد، 16 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 3

طبعاً من الأشياء التي لن تغيب عن عينك، بمجرد دخولك لها.. أنهم شعب مسلّح.. السيوف (الجنبية) شيء من التراث الذي لم يتخلوا عنه.. فهو جزء من أناقتهم.. في كل بيت هناك رشاش يسمونه "آلي"، "جست إن كيس" دوما معدّ مشحون.. كل من في عوائلهم يعرف كيف يستخدمها، (أظنهم لن يؤخذوا على حين غرة أبداً) بل وفي إحدى المرات ظهر لي أن سائق التاكسي يملك قنبلة أسفل المقود! حالياً تستخدم الرشاشات فقط لإحتفالات الزواج، الوحدة، الجلاء... أما السيوف فهي للرقص الشعبي! يسمى البرع (على فكرة عشان يقولوا ما يشبه إشرب من البحر، يستخدموا سِير ابترع لك) :]

ممالن يغيب عن عينك أيضاً .. الداء العجيب الذي ينزل بأهلها بعد الغداء، فتنتفخ بها خدودهم!! القات طبعا الصديق اللئيم لأهل اليمن :(
هو عبارة عن عشبة خضراء، يقال بأنها تساعد على التركيز، المزاج، الكيف،.. وعلى قول بعضهم على قيام الليل لدراسة العلم! (سمعت منهم أن الإمام الشوكاني كان يسهر باستخدامها) في باقي العالم هي عشبة مخدرة، محظورة ككل المخدرات! كل طبقات وأفراد المجتمع يستخدمها، على فكرة استخدامها يسمى "تخزين"! الدكتور، السائق، النساء، الشباب، من شئت كلهم يخزن! وفي حفلات الزواج هي أساس الضيافة، يشترون من أجلها مزرعة كاملة!! أو اثنتين!

أدخل قليلاً إلى الكاميرا!
إذا أردت مشاهدة شريط يوم في صنعاء، ستراهم يستيقظون مع الفجر، بروح عالية.. يذهبون بقوة إلى معترك الحياة.. عند الظهر يكونون قد وصلو حد الإحتمال... فلا أقل من قات يطيب خاطرهم، ويحفظهم تحت السيطرة.. في العصر وبعد ذلك المهدئ هم يغنون (على فكرة هم ذوو صوت جميل) و"سميعة" كما يقال.. ولا يذهبون إلى منازلهم ليلاً إلا بتلك الروح العالية، هل هي الحقيقة، لا يهم!!

*****

من حديثي الماضي، واضح أن عجلات التنمية لم تلامس أرض اليمن إلا لماماً.. إلا أنها لم تحرم جمال الطبيعة، وجمال النسيم.. في تلك الرقعة غير الضخمة تقريبا كل أنواع الجو.. في الشمال حيث المرتفعات، الجو باارد شتاء، نعيم صيفاً والأمطار كنت أراها في كل المواسم وربما هي صيفية أكثر.. هناك أيضا الحديدة وسهول تهامة حيث الجو ساحلي تماماً حار معظم السنة مع رطوبة عالية! أما في مدينة تسمى "إب" حيث هي تقريبا أعلى منطقة في اليمن، يسمونها "اللواء الأخضر" فقد رأيت فيها جمالاً لم أره من قبل (لم أغادر السعودية في حياتي إلا إلى كينيا ولمدة بسيطة) هناك شلالات، طبيعة وخُضرة! مطر، وجو عليل! أمسكت بالسحب ذات مرة!!، تعز قريبة منها في الطبيعة والجمال! ثم هناك عدن، ويالها من عدن .. مدينة واحدة تطل على البحر الأحمر المالح، ومياه المحيط الصافية من بحر العرب.. جميلة، أثرية، ذات عبق.. وصدى! ثم هناك حضرموت التي هي تقريباً مثل أجواء السعودية، مناطق صحراوية واسعة جزء منها ساحلي في المكلا، وجزء آخر "المهرة" متصل بصلالة في عمان ولكم أن تتخيلو جمالها!!
اليمن بصفة عامة وليست عدن فقط، تفوح بالعبق.. أينا تذهب هناك حضارة وثقافة!! من سبأ، تبع وحمير إلى الإسلام إلى الخلافات المتعددة، الإمامة، الإستعمار، ثم الحكومة الحديثة والوحدة!

*****

سأختم بالفن هناك، شوارعها ليست هادئة إطلاقاً أينما تذهب هي تصدح بموسيقى، قرآن، نشيد، كيفما اتفق.. كذلك السيارات و "الدباب" أو الميكروباص وسيلة النقل العامة هناك.. لست مهتمة كثيراً بالغناء.. لكن أجبروني أن أنتبه ولو قليلاً .. من مغنيهم أيوب طارش و "بعٍّدوا عن طريقنا .. جنة الحب حقنا" القاف من مخرجها السليم هنا بل وبمزيد من التقعر، لنحافظ على الفن.. :) أيضاً هناك آخر اسمه "فيصل علوي" أذكره لأني سمعت أحدهم يقول أنه يدق العود بأرجله :]
أيضاً أبو بكر سالم، أذكر له أغنية لا يملون تكرارها على الأقل في تلك الحقبة "يامسافر على البلاد، بروحي وقلبي.. سير واتركني هنا لآلام حبي"!!

إحدى تسميات لليمن، هي اليمن السعيد،، لماذا وكيف لست أدري؟؟ لكن كان لي أنا فيها سعادة ...

أنظر إليها أرى الفرح، أرى البؤس.. أرى الغنى الفاحش والفقر الدقع.. أرى العلم أرى النبوغ.. أرى الفساد .. أرى الفرص الضائعة..
أرى النعيم.. أرى النعم.. أرى القمم .. أرى القيعان...
أنظر إليها .. وأتذكر أبو بكر سالم "ومين يشبهك يا يمن.. من يشبهك؟" !!

السبت، 15 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 2

الجامعة اللي كنت أدرس بها كانت أهلية "العلوم والتكنولوجيا"، تابعة تقريباً لحزب الإصلاح في اليمن مع نفي الجامعة القاطع لذلك... التعليم هناك مفصول، إلا في الطاقم التدريسي.. وبعض فصول الدراسات العليا و بعض التخصصات الطبية.. نوعاً ما كانت ملجأً لكل من منعوا من الدراسة في السعودية (الأجانب فيها) فكان جوها تقريباً كالذي عشته سابقاً في السعودية.. ما ينفع أمدحها سأكون كمن يشهد للعروسة من عائلتها.. لكنها إلى حد كبير منافسة على الصعيد العربي! و رغم الإعتراف العالمي، وبتجربة! افترض العميد حيث أعمل أنها غير معتمدة، ربما لأنها من اليمن :(
أما بقية الجامعات.. فالتعليم مختلط وعام لكل من تخرج من المدارس اليمنية، بغض النظر عن جنسياتهم (لا تكاليف إضافية ولا إضطرار لسفر أو تشظي) ألم أقل أنها ملاذ آمن!! لكنها وكعالمنا العربي تخرّج ما لا يسمن و لايغني من جوع .. بل رتل من المتبطلين!! لكن في اليمن الحالة خاصة جدا.. فسائق التاكسي ربما يكون فيلسوفاً، أديباً، وربما ذو شهادة دكتوراه! وقد يكون ممن أنهى تعليمه في الخارج! كذلك هو البائع في المكتبة ... وسائق الباص ووو.. وربما تجدهم يتحدثون الإنجليزية أو الفرنسية بطلاقة!

*****

هو بلد تلاحظ فيه أرتفاع أسعار الخبز والطحين، والزيت والسكر.. أذكر في ضربة واحدة قاموا بمضاعفة السعر تماماَ.. قامت حينها ثورات، وهدٍّمت فيها بيوت ووزارات ومحال، طبعا كانت أول ثورة أحضرها! هو بلد فيه كمية معتبرة تستحق النظر من المجانين! يعني ممكن أن تراه نظيفاً أنيقا.. يمشي ويتحدث حواراً مستطيلاً مع أطراف لا تراهم، هو يدير الحوار وربما يحل مسائل مستعصية! ما فهمته أنه ربما كان مثقفاً عمل بجدّ وكدّ جمع شقى عمره زي مايقولو ثم ذهب ذلك في صراع غير متكافئ مع متنفّذ.. شيخ قبيلة ولاّ مسؤول (على فكرة كلمة مسؤول هناك لا تعني أبداً المسؤولية بل لا تأتي في سياق مناقشة أي وظيفة) هي فقط للتعبير عن "أنفذ بجلدك فذاك مسؤول"!

*****

ذكرت سابقا حزب الإصلاح تقريباً هم الإخوان في اليمن، وبينهم وبين السلطة حكايا وأخوة وود، هم أصدقاء ألداء! السلطة عادة لا تخسر في الإنتخابات من يفوز وبنسب خيالية هم حزب يسمى المؤتمر لا أدري تماما لأي قبيل أنسبهم ليسوا علمانيين فالدستور في البلد هو النظام الإسلامي (عادة لا يطبق إلا على الغلابة أو اللي ما عندهم ظهر)، وليسوا إشتراكيين فلطالما حاربوها أثناء الوحدة! وليسوا وليسوا .. هم فقط حزب السلطة! حزب علي عبد الله صالح! هناك أحزاب أخرى شيوعية، ناصرية، وحدوية سمٍّ ماشئت... وفي اليمن .. فقط في اليمن اجتمعوا مع الإخوان ضد السلطة (على ماذا؟ وكيف لم أفهم)..
على فكرة في اليمن أكثر من يسخر منه الشعب، محور النكات هو رئيسهم، ولا حرج في هذا!! أهي حرية لا أظن! ربما متنفس فقط!!
قبل أن أنسى هي بلد نقابات أيضاً، فيها نقابة للصحفيين، للأطباء ووو.. لكن أظنها متنفسٌ أيضاً..
مؤخراً سمعت أن بها للقاعدة قواعد.. برأيي القاعدة، هم من قرروا إرهاب النظام العالمي،، أما الحكومات فهي من تفرغ لإرهاب شعوبها... وبكليهما تتحقق المشيئة الأمريكية في المنطقة، لا أحاول أن أثبت نظرية مؤامرة بل أستقرئ الواقع فقط .. الكاميرا من حالها تحولت إلي :P

*****

أما عن الأديان، ففي اليمن غالبية من السنة والشيعة (على فكرة في الأذان الرسمي للبلد تضاف فقرة، حيّ على خير العمل!) منهم الزيدية، الإثنا عشرية، مجموعة يتسمون بالمكارم..ولهم تقاليد غريبة وحج إلى حراز ويفد إليها من الهند وبعض البلدان حجيج!! .. أيضاً عدد لا بأس به من اليهود (كانت أول مرة أشوفهم) ملتزمون بعاداتهم وظفائرهم غالباً هم في الشمال! أيضا بها مسيحيون، ولهم كنائس رأيت بعضها في عدن! ربما بسبب الإستعمار، أو ربما من التاريخ لا أدري.. عودة للسنة بها إخوان، وسلفية، صوفية ماتشاء! سمعت في منطقة في الشمال هناك قرية يحيا بها الناس كما كانت الناس أيام الرسالة، خيام، وأبيار ونخيل (طبعا ليست سينمائية بل حقيقية)!
كل هؤلاء يعيشون في سلم شعبي وتقبل رائع واحترام للآخر!

*****

يجرّني لساني للحديث والحديث... لكنني سأنهي الغد ببعض التفاصيل..
هي بلد لا تختصر ولا تختزل..
هي أرض لها ماض، وحاضر، وربما كانت أرض محشر!

الجمعة، 14 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 1

كتدويناتي .. كذلك أنا! كلانا يمر بحالة تساؤل، لم تغادرني منذ فترة...
قررت ولو لحين أن أتركها، لشيء أكثر بهجة، بعض الذكريات..
كنت البارحة وكعادتي أنال وجبتي اليومية من الأخبار، وصدمت بحالة عدم الإستقرار في اليمن.. ليس لإنتماءٍ لليمن ولكن كونها كانت الحاضنة لبداياتي!! قضيت هناك مايقرب من 7 سنوات، بعد إنهاء تعليمي الثانوي في السعودية.. هنا كنت مع الأهل، هناك كنت مع أفكاري، ضميري، مصيري، .. قرارتي.. هناك شهدت حرية الإختيار (طبعا ليس لليمن فضل في هذا إذ كان من الممكن أن تكون في مكان آخر)!
المهم...
متابعة أخبارها جرّت علي سيل الذكريات منذ 3 سنوات تقريبا غادرتها! سأحكي عنها هنا كمن يمر بكاميرا تصوير، كل شيء هناك عداي (أتوقع المدونة طفشت من تفاصيلي!!).. لن ألتقط حكايا يوميات بل اليمن كمجموعة متناقضات .. إذا كان لي أن أسميها لكان لهذا نصيب :) (وأين لا نرى تلك المتناقضات، هي الحياة تقريباً)
تخيلوا أن أحد العبارات العادية هناك هي "نعم لا" :)) وتعني النفي ونعم ليست سوى سابقة مضافة لا موقع لها من الإعراب زي "قالك" في لهجتنا "مين"!!
أما "ماشي" فهي تعني لا قطعاً! في بلد فيه القاف العادية والقاف المائلة للجيم.. والجيم والجيم المصرية (ألم تجتمع هناك إختلافات العرب)، أتساءل؟

*****

إن زرت اليمن، ولم تكن من أهلها.. فأنت ذا مقام أرفع في عيون الناس.. دائما أنت أستاذ، دكتور.. وهلم جراً وإن أنكرت هذا ;) عندما يسئلونك عن الجنسية، فهي للتعارف فعلاً وفي النهاية أنت أخوهم إما في العروبة إفتراض أول أو الإسلام كإفتراض ثاني.. وهذه الإجابة دوماً حاضرة في مخيلتهم!! الغريب أنك إذا كنت من أهل البلد، وعدت لها، فأنت مستورد.. ربما جاهل، أو على الأقل مصدر للإحتيال!!
والوضع هذا فالمنكوبون في العالم العربي يعيشون سعداء هناك.. للإضافة دوماً يحتفلون بقضاياهم، ويستشعرونها!

*****

حيث حقوق المرأة حديث حيّ في كل مكان، في اليمن هي مسؤولة، كانت ملكة ذات يوم (أروى)، هي مديرة، هي زوجة، هي عاملة، هي موظفة، وحتى عاملة نظافة في شوارع العاصمة!! دون تلك النقاشات أو المحاورات.. هي تسوق السيارة وتسوق الدابة (طبعا الدواب مش حاجة غريبة أبدأ!) .. تسوقها منقبة، فاتشة (كاشفة وجهها) أوحتى شعرها ... لانقاش ولم تأت بجريرة!! هي تكتب، هي تتحدث، تتظاهربل هي الاكثرية،تظهر أينما تشاء.. تَظلم، وتُظلم.. ليست بالحالة الخاصة إطلاقا! لكن عندما أدخل للمكتبة لشراء جريدة، لم يكن العم الطيب يأتي لي إلا بتلك البائتة من اسبوع أو اثنين "نعم" قال عشان حتنظفي بيها المرايا!! :/ وفي القرى يذهب الوضع لأشد ما رأيته من قسوة، تُزوج في سن التاسعة، وبعضهم يجعلها تغطي وجهها حتى في منزلها وبين أهلها!! ايش الحكمة؟ ما أدري...

و للحديث شجون، وللتدوينة بقية :)