الأحد، 13 ديسمبر 2009

ثمانية وعشرون ربيعاً، صيفاً، خريفاً... وشتاءاً

الاسبوع القادم بعد ساعات هو آخر اسبوع دراسي في الترم.. إذ أن الفترة القادمة هي إجازات أعياد الميلاد هنا! بعدها مباشرة سأخضع لأول اختبار تقويمي لأدائي!

غدا أكمل الثماني وعشرين ربيعا، وصيفا، وخريفا، وشتاءاً من عمري! أمر بحالة عجيبة من الذهول.. ولم أنتهِ بعد من عد دقائقها .. ثوانيها ساعاتها .. أيامها.. لست أدري كيف مرت .. لكنها ذهبت، واختزلت في ذاكرتي، ملامح وجهي، تفاصيل حياتي، كلماتي .. عباراتي.. غباءاتي..

الاسبوع الماضي، كان لدي تدريب قبلّي، رمزي بصورة ما... أردت فيه أن أمنع نفسي عن رغباتها.. خالفتها في 80% من ما تحب.. أسميتها فترة ال Reset لكل أذواقي.. الغريب أنها أوجدت لها تفضيلات وسط ذلك المحدود!..

الاسبوع القادم أود أن يكون، مجنونا.. لا مكان فيه لنوم أو كسل..

أود أن أعمل بطاقة أعلى، مدة أطول.. وفي وسط هذا أود أن أقرأ كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد.. أن أقوم بكل استعدادات السفر لبرمنجهام الاسبوع المقبل.. وربما أضيف مهاما أخرى لهذا الجدول!

لاتبدو مهامي كثيرة جدا، لكني أعمل وفق نظام مختلف عما اعتدته ثمانية وعشرين عاما، لذلك لا يخلو أبدا من المفاجآت.. كما أنني في العادة أقضي حوائجي سيرا على الأقدام، يستهلك هذا بعض الوقت.. ولأننا في فصل الشتاء الذي لا يعمر فيه النهار طويلا، بضع ساعات وينزل المساء.. ويختم اليوم عدا أعمالي المكتبية، والبحثية!

حقا لا أعلم، لم تخفي الناس أعمارها، هي مجرد أرقام ... أما عمرك الحقيقي فهو ظاهر لي، ظاهر لك، ظاهر لكل من يرى ويبصر!

عني سعيدة بما مضى، أهملت نعم.. لكن حمداً لله روحي متوثبة للأمام..

كل ما أراه أمامي .. هو الشروق!

الأربعاء، 18 نوفمبر 2009

حديث النفس.. حديث الطبيعة

في كل صباح، أرتدي جاكيتتي، أضع سماعتي، أغلق غرفتي وأغـــــــــرق في بحر تأملاتي حتى أصل للجامعة..

بدأتُ بفكرة راودتني البارحة، تجاهلتها ساعة وصلت، وعادت الآن تلح من جديد! :) يالها من عنيييدة!

تتساءل لم على الرجال جهد أقل في الإندماج مع المجتمعات، رغم أن المرأة ذات رصيد عاطفي أكبر، وقلب أوسع؟

من يقال عليهن قليلات عقل ودين، عليهن أن يواجهن كل من رأينه عدوا كان أم صديقا بحقيقة أنها مسلمة، لا تستطيع أن تخفي هذا إلا إذا أغضبت ربها! وإن كان هذا الآخر كارها للدين والمتدينين فهذه كارثة عليها تحملها بدين وعقل! أراهم كل يوم في طريقي، وأستطيع أن أرى نظرات الرهبة والخوف في وجوههم.. "ياعمي .. إنت رجل وأنا لست سوى إمرأة ضعيفة ماذا بوسعي أن أفعل!" بعد أن أغادرهم أكاد أسمع أصوات انفجارات وأرى ألسنة لهب من وراءهم في مخيلتي وأراني تحولت لرماد واحترقت :] مفخخة على غفلة :P

غير الحجاب، لا تستطيع السلام، لا تستطيع أن تتصرف كما شاءت إطلاقا.. مَن للرجل بمقيدات كهذه حتى يعلم كيف هي قلة العقل والدين!!

استرسلت قليلا ثم انقطعت أفكاري عندما وصلت قريبا من الربوة المرتفعة في طريقي....

استرجعتْ ذاكراتي إنني "أتنح" قليلا في هذه المنطقة حيث أنني أتحرك عكس الجاذبية، وأحمل قدماي حملا في كل خطوة ليس فقط تحريكا عاديا.. والعجيب في الأمر أنني بعد هذه المنطقة لا أشعر بالبرودة إطلاقا... بل تتحرك الدماء ويعمني نشاط النهار.. ويغمرني دفء لذيذ..

تتعمم الفكرة، فعلا بعد المصاعب تصقل جهودنا، تتوجه وتتوحد مشاعرنا، تلتهب أكفنا، ونحث السعي.. ما قبلها كان سكونا باردا لا طعم له.. قولو لي عن حياة باردة وجميلة في نفس الوقت! لا أراها تستحق... الحب أيضا بلا متتالياته المقتولة شعرا وأدبا، لا يغدوا حبا... ولا يكتمل فيه ولا بعده صفاء النفس بغير احتراق!!

"أيييه ياعائشة ايش وداك للمواضيع هادي"

تهب ريح عاصفة، والعاصفة التي أتحدث عنها هنا ليست مزحة كالتي كنت أراها هناك.. إطلاقا!

وفي هبوب العاصفة، يتغير هدف الرحلة.. لا يغدو لسرعة سيرك أي معنى.. هنا الهدف هو الإتجاه.. وإلا بإمكاني أن أغير اتجاهي مع الريح.. وساعاتها ربما سأصل لسرعات قياسية، (وربما أفوق أولئك البريطانيين في خفة حركتهم يالله منهم تقولي يطيرو :|) ودون بذل جهد إطلاقا، بل ـأحلى من عسل على سمن*، لكن أن تحافظ على اتجاهك فالأمر يتطلب هدوءا وثباتا في الخطى ومتابعة ما يجري- رفعت بصري لأعلى رأيتها رأي العين كانت الريح والسحب تجري لمستقر لها وهي تقدير العزيز العليم أيضا- وهناك شيء جميل في السماء فقط ترقبه!
في غمرة بذلي لجهود مضاعفة عكس اتجاه الريح، رأيت أنني قد أخرج عن الطريق معاكسة كل شيء هذه المرة، أي نعم بدأ فعلي مدفوعا بآمال الثبات.. لكني اتجاهي غدا عكس الرياح وعكس المنطق وعكس فطرتي... فصارت جهودي كلها مهدورة تقريباً.. موازنة الإتجاه بين قوة دقع الرياح والقوة المعاكسة.. تجربة شاقة على النفس.. والتوازن مرحلة دقيقة لا تزال تتذبذب بين وقت وآخر.. اللهم ثبتنا...

بعد هدوء الرياح، كنت تقريبا قد اقتربت من الجامعة لم يبق سوى خطوات قليلة.. رأيت زميلا لي في قسم الحاسوب، لا أعرفه كثيرا غير أننا حضرنا معا ورشة العمل المبدئية لطلبة السنة الأولى..

مرحبا- مرحبا، لقد التقينا في ورشة العمل، يحاول أن يعرف عن نفسه.. رددت أن نعم أذكرك.. ساعتها قام بمد يده ليصافح كنوع من التواصل البشري اللاإدراكي..

وفي ساعاتها، حضر في دماغي ألف شيخ، وألف فتوى، وألف نصيحة... وهيهات أن أركز.. أو أن أتذكر! شريط معجون، كله أصوات وضجيج.. -حلال -لالالا حرام... -لم يَرد أن الرسول نهانا عن ذلك، -لكنه عليه أفضل الصلاة والسلام قال لا أصافح النساء.. -هي ميزة للنبوة.. -هي حرام.. هي .. هي..

رأيت أن الوقت يجري من بين يدي، وخرجت بعبارتي، "آسفة حقا لكننا لا نصافح بأيدينا"، يالله قد ايش أكره الشعور الذي رأيته وأراه في وجه الناس ساعتها.. كمن يلعن نفسه والساعة اللي حاول أن يسلم فيها... تذكرت أن والدتي قالت لي ذات مرة: صافحي في بادئ الأمر، ثم أبدي موقفك وبهدوء في مرات لاحقة، حتى لاتنفري الناس من دين الله! لكن فات الأوان وتصرفت..

ألم أقل أننا نحن السيدات علينا ضعف الهم، وضعف الدين وعلينا أن نستخدم عقلنا أضعافا مضاعفة.. حتى نتعايش مع وضعنا ولا نغضب ربنا..!!

* هذا الثنائي غير قابل في الخلط إلا في هذه العبارة كما أظن :)

كتبت هذا آخر اليوم، بعد أن ذهب جل طاقتي، واستدراكات حواري، وهذا ما تبقى!

الاثنين، 12 أكتوبر 2009

يوميات غصن أخضر

ذات يوم جميل في صحراء ما، اختفت فيه الشمس واختلط ماء السماء برحم الأرض و ولد غصن أخضر غض ناعم .. كأني به يكتب يومياته في صحيفة أعماله

اليوم الأول

"جئت لا أعلم من أين ولكني أتيت
ولقد أبصرتُ قدامي طريقاً فمشيت
وسأبقى ماشياً إن شئتُ هذا أم أبيت
كيف جئت؟ كيف أبصرت طريقي؟
لست أدري!"

لا من مرشدٍ يتبعه و لا أقرانٍ يتعثر ليقلدهم .. لا أمه تحكي ولا والده ينبس ببنت شفة


اليوم الثاني

ماهذا العطش، أريد ماءا .. أين بركة الماء بجواري يبدو أن والدي استرد نفقته! لا بأس أمي رحيمة ستعطيني فلذة كبدها لو طلبتُ
يمد جذوره، يصل الماء لكنه مـــــالح كدر يبادلها بابتسامة صفراء لهبتها .. أنقذت حياته!
اليوم الثالث

ذلك الماء لا يستحقني :@ ليس لي سوى طريقين إما أن أمد جذوري لعمق عمق الأرض فهناك ماء لم تطله أملاح السطح .. نقي زلال
أو أنتظر وأمتعض وأمتعض إلى أن تنعم علي السماء بمطر ذات مساء أو صباح
إلا أكن كذلك دفنت في هذه الصحراء ولن يكترث أحد!

اليوم الرابع

يالله ما أجملني لقد استطلت وأصبحت نبتة كاملة وصرت أرى الأفق وأهل الحي المجاور..
لِم أعاني أنا فقط مع هذه الرمال مالها لا تصل إليهم!؟
يبدو أن لحياتي معنى نبيلاً فقد علمت أن جذوري وأوراقي تحميهم.. أتفانى أنا في قدَري ليعيشوا هُم!
كل يوم يزداد قدْري، وأعلم أكثر عن معنى وجودي
ابتسامة نبيلة ترتسم على وجهها :)

اليوم الخامس

يبدو أن بلدي غير معطاء.. بخيل إلى حد كبير
غصن .. ياغصن ما عليكِ سوى الزهد، إن لحقت مباهجك اختنقت بها! لا داعي لأكون غضة خضراء.. هذه الحياة لم تخلق لي :|
وإن ضاقت بي دروبي سأتخلص من أوراقي .. على الأقل أحافظ على هيكل الحياة
درب النضال لا يليق إلا بمن اعتلى وتعالى عليها
وداعا حياة الدعة

اليوم السادس
أظن أنني مللت من واقعي .. لا بهجة تلون حياتي.. ولا رفاق يسلونني في درب الكفاح المر..
متى ستتغير حياتي أو أتغير أنا :(

اليوم السابع

كتبت أنا عنها هذا اليوم، فلقد غادرت الحياة كما أرادت
مر من هنا مسافر، يحمل في سنامه قليلا من الماء .. لاكها بفمه وأضاف لها قليلا من الماء .. وواصل درب كفاحه
ثم مر بعدها بدوي قد اشتد عليه البرد.. كَسَّر ماتبقى منها وأشعل فيها النار.. وعاد إلى مفاصله دبيب الحياة!
وهكذا رزقت بدلا من حياتها حيوات أخرى حلت في أجزاء من البدوي، و في بدن ذلك المهاجر

* أضفت لاحقا أواسي ذكراها

"أجارتنا إنّ المزار قريبُ ***** وإنّي مقيم ما أقام عسيبُ
أجارتَنا إنّا غريبانِ هاهنا ***** وكلّ غريب للغريب نسيبُ"

الأحد، 11 أكتوبر 2009

طفولة

لم أكن مهملة أيام الإبتدائي إطلاقاً، لكن كانت تعمرني حالة ذهول ربما كان هذا هو أفضل عنوان لها

أحضر المدرسة، أستقر على مقعدي ذاهلة عن زميلاتي وعمّ كانت حكاياهم.. بسرعة رائعة يمضي اليوم تدخل مدّرسة وتخرج أخرى تتكلم هي، أفهم أنا وتمضي لحال سبيلها .. لم يتفاعل أيّ من ذلك داخلي.. لم يقل أحدهم مايلفت النظر أو يستدعي الفكر لذلك كنت تقريبا مغلقة العينين عدا من فرجة صغيرة تسمح للكميات المعرفية البسيطة بالدخول! حتى أذكر أنني لم أعلم كيف أتابع النص بالسطر والحرف كما كان يجب! فالأستاذة تقرأ في السطر الأخير ربما وأنا أستمع واضعة يدي على السطر الثاني :) ما كان منها سوى أن أخبرت الوالدة وهذه مشكلة اقتضتني أن أفهم ماذا يعني تتبع مع المدرّسة فيما بعد.

أتيت بشهادتي نهاية العام الأول وكان ترتيبي ال 13 على الفصل ودرجات كاملة جميعا عدا في القرآن والمطالعة :]

استمر ذهولي ولا مبالاتي، أذكر أنني كنت أنجذب أكثر لتطبيقات الأفكار العملية منها، و يالله كم شغلت بتحضير نبتتي الأولى على القطن، نبتت وكبرت ولم تحتمل رقة القطن حملها.. كنا حينها في خميس مشيط حيث التربة زراعية (*) .. أحضرت أصيصاً (*) ملأته تربة وحبوب طماطم لأنها كانت أسهل ما بإمكاني الحصول عليه، ثم أتبعتها بأصيص آخر لنبتة ريحان، أهدتني بذوره جارتنا العجوز بعد أن رأتني حول أصيصاتي أدندن!

المهم مضت الأيام وأنا أسجل نظرياتهم تسجيلا أصماً، وأكاد أحترق لتنفيذ ما سمعته أو رأيته.. درجاتي كانت شيئا لا أعيه سوى ابتسامة أبي وأمي حينا، وغضبهم أخرى من تدنيها في المطالعة والقرآن لتكون نمطاً عاما في أول 3 أعوام! أذكر أن أبي قام مرة بإطراء بنت صديقه، زميلتي في الصف لتفوقها، علّني أفهم ماذا تعني المراتب الأولى... لكن حكاية "إياك أعني واسمعي ياجارة" لم تؤت أكلها فالجارة كما يبدو "سابت الحتة وطفشت"

لا أدري كيف صرت أهتم بعدها بالتحصيل العلمي، كيف انتقلت عدستا مجهري من الأنا التي كنت أسعدها، إلى "الهم" لترتبط سعادتي بهم..! يجب الإشارة إلى أنني لم أكن طموحة إلى ذلك الحد ولم أتفانى في خدمة "الهُم"أبداً فما أن تلتمع في خيالي أناي المتواضعة حتى أترك كل شيء وأرضيها بشقاوة صغيرة، تفكيك جهاز، إختراع محلول غسيل كاد يودي بحياتي لولا أن الله سلّم .. طبعاً في لحظتها لم أكن أرى عينا الوالدة أوغيرها .. كنت أرى فرقعة ضوء في الأفق تقودني نحوها!

أذكر أنني كنت فيلسوفة إلى حد ما، فأنا أبرر رغباتي بنوايا فاضلة وأهداف سامية.. مثلا مرة كنت أود الهروب من الثلاثي الأدني من الطعام (*) (البصل والثوم والطماطم)

فقلت لأمي جربي ولو مرة أن لا تضعيها، وسترين أن الأكل سيكون لذيذا وذا نكهة مميزة... للأسف لم تنطل عليها تسويقياتي،

فقط جربي!..

أبداً ..

لمِ؟ ...

ياستي العالم بتطبخ كدة من يوم يومها! ..

تأتي إجابتي اللي ما أنساها لليوم و لازلت أستخدمها بأريحية ورأيت بعد أن كبرت أن كثيرين يستخدمونها مثلي أيضاً .. "أيوة يا أمي عشان كدة إحنا ما بنتطور ولا حنتطور ! إذا إنتي لسة بتطبخي زي ما جدتي كانت بتعمل بالزبط!" امههم :@


شيء واحد لازلت أذكره، وربما كان هو من جعلني أنزل إلى الساحة .. لأغنم ما يمكنني أن أغنمه أو لأخسره! في إحدى نتائجي أذكر كنت الثالثة على الصف، ولحظي الجميل شاركتني فيه إحداهن من صويحباتي.. كانت درجاتنا تماما واحدة، والكسور أيضا ..ما سُجل هو أنها الثالثة وأنني الثالثة مكرر لا بأس عدت فرحة للبيت، أقول للناس أنني الثالثة ينظرون إلى الشهادة ويقولون لكن "مُكرر"! حصل أنه كان هناك تكريم أيضا، تم النداء على الثالثة.. ثم بعدها قمت أنا لأستلم عن الترتيب الثالثة "مكرر"، بعد أن بردت حرارة الترتيب.. بل أن الأغلب كان قد تهيأ نفسيا لسماع "الرابعة"..

خلاصة القول أن أحدا لم يعترف لي بذلك فأنا لست الرابعة ولست الثالثة .. شيء بين هذا وذاك! رغم تطابق الدرجات!

ومن يومها وأنا مهتمة بمشاعر فئة المكرر، وأستشعر إحساسهم، وأحامي عنهم! في العام الماضي كان الأوائل على المملكة 10 كلهم الأولى سجلت إحداهن أولاً والبقية لم يحظين باللقب إلا مكرراً. بحق الإله ألا تغيظ أن تكون أنت مكرراً ولم تأتِ بجديد رغم أنك فعلت ما فعله البقية تماماً..

آه..ذكريات الطفولة.. أيام! براءة .. غفلة.. متعة! وفوق كل هذا لم نكن نعي أننا نملك كنوزنا تلك! أيامنا هذه أيضا ستكون كنوزاً في المستقبل.. لكننا نجد متعتنا في براءة الطفولة، ويجد كهولنا متعتهم في نشاط الشباب والشيوخ يندبون عقل الكهول ليرد عليهم الجميع ما أجمل حكمتكم!

أكثر ما يعجبني في سماع حكايات الطفولة، أنها لا تنتهي .. وكما بدأت تنتهي دوماً بحميمية وشغف.. ويقوم كلّنا ليعلن عن عبقريته الضائعة.. ونكاية فينا وفي مشاعرنا يقول د. طارق السويدان أن نسب الإبداع في أعمار الأقل من الخامسة في العادة هي 80%.

-----------------------------------

* (لم أكن أفهم ذلك طبعا) فقط أن الشجر يحتاج لتربة كي ينبت، ربما لو كنت حيث أنا في المدينة سأصاب بإحباط وخيبة أمل!

* (هذه الكلمة منقولة من قصص المكتبة الخضراء :)

* من الآية "أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير"

الخميس، 27 أغسطس 2009

حكاية حياة

قال قائلهم ..
إن الحياة تكتب بأيدي أصحابها ..
تروى بأصواتهم ..
ترسم بخيالهم ..

*****

فذهبت ذات يوم لمكتبة ..
وراحت تبحث عن دفتر تكتب به قصتها ..
ذاكرة تسجل عليها أحداثها ..
كاميرا قد تلتقط بها شيئا من روايتها ..

******

عادت بهم جميعا ..
فهل كانت تلك مقادير كافية .. لوصفة النجاح في حياتها!!!

الخميس، 20 أغسطس 2009

عوالم فكر!


أفكارنا، خيالاتنا .. كواكب سيّارة .. رحّالة .. لاتفتأ تسكن حتى تنتقل مرة أخرى..!
وفي عالم الفكر .. قارات ودول وجزر تمتد باتساع وتمايز.. تفصلها بعض المساحات المائية.. تغطيها من الأعلى فضاءات غازية تحفظها دافئة.. حية، بعضها ثُقِب.. و بعضها قد تعرض لإختراقات إشعاعية!

***

نسكن أحيانا في جزيرة ما في عمق المحيط.. ننتمي لها .. نتمسك بها... لا نكاد نرى العالم لتشبثنا!! ولبعدنا...
وفي حين أخرى نكون بفكرنا في منطقة جغرافية ما.. ربما يصح أن نسميها دولة تحيط بنا مناطق غيرها ..
لكننا منهمكون برسم الحدود فضلاً عن زيارة الجوار..

***

قد نكبر قليلاً .. أو نمل دراسة ذات التفاصيل .. وقد يأخذنا الفضول لمشاهدة ملكوت آخر ...
حينها نبدأ رحلةً أسس لها ابن بطوطة، وأكملها فاسكو دي غاما..
و لا نكاد نصل حتى ننتقل.. ففي الفكر متسع .. وفي العمر بقية!!

***

عالم قديم .. عالم حديث .. وتستمر الرحلة..
بعد زمن.. وبعد "زووم" متزايد، نعلم أننا في اللامتناهي ..
وأننا لم نؤت من العلم إلا قليلاً..
وأنه وحده ...
علّام الغيوب ..

الأحد، 16 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 3

طبعاً من الأشياء التي لن تغيب عن عينك، بمجرد دخولك لها.. أنهم شعب مسلّح.. السيوف (الجنبية) شيء من التراث الذي لم يتخلوا عنه.. فهو جزء من أناقتهم.. في كل بيت هناك رشاش يسمونه "آلي"، "جست إن كيس" دوما معدّ مشحون.. كل من في عوائلهم يعرف كيف يستخدمها، (أظنهم لن يؤخذوا على حين غرة أبداً) بل وفي إحدى المرات ظهر لي أن سائق التاكسي يملك قنبلة أسفل المقود! حالياً تستخدم الرشاشات فقط لإحتفالات الزواج، الوحدة، الجلاء... أما السيوف فهي للرقص الشعبي! يسمى البرع (على فكرة عشان يقولوا ما يشبه إشرب من البحر، يستخدموا سِير ابترع لك) :]

ممالن يغيب عن عينك أيضاً .. الداء العجيب الذي ينزل بأهلها بعد الغداء، فتنتفخ بها خدودهم!! القات طبعا الصديق اللئيم لأهل اليمن :(
هو عبارة عن عشبة خضراء، يقال بأنها تساعد على التركيز، المزاج، الكيف،.. وعلى قول بعضهم على قيام الليل لدراسة العلم! (سمعت منهم أن الإمام الشوكاني كان يسهر باستخدامها) في باقي العالم هي عشبة مخدرة، محظورة ككل المخدرات! كل طبقات وأفراد المجتمع يستخدمها، على فكرة استخدامها يسمى "تخزين"! الدكتور، السائق، النساء، الشباب، من شئت كلهم يخزن! وفي حفلات الزواج هي أساس الضيافة، يشترون من أجلها مزرعة كاملة!! أو اثنتين!

أدخل قليلاً إلى الكاميرا!
إذا أردت مشاهدة شريط يوم في صنعاء، ستراهم يستيقظون مع الفجر، بروح عالية.. يذهبون بقوة إلى معترك الحياة.. عند الظهر يكونون قد وصلو حد الإحتمال... فلا أقل من قات يطيب خاطرهم، ويحفظهم تحت السيطرة.. في العصر وبعد ذلك المهدئ هم يغنون (على فكرة هم ذوو صوت جميل) و"سميعة" كما يقال.. ولا يذهبون إلى منازلهم ليلاً إلا بتلك الروح العالية، هل هي الحقيقة، لا يهم!!

*****

من حديثي الماضي، واضح أن عجلات التنمية لم تلامس أرض اليمن إلا لماماً.. إلا أنها لم تحرم جمال الطبيعة، وجمال النسيم.. في تلك الرقعة غير الضخمة تقريبا كل أنواع الجو.. في الشمال حيث المرتفعات، الجو باارد شتاء، نعيم صيفاً والأمطار كنت أراها في كل المواسم وربما هي صيفية أكثر.. هناك أيضا الحديدة وسهول تهامة حيث الجو ساحلي تماماً حار معظم السنة مع رطوبة عالية! أما في مدينة تسمى "إب" حيث هي تقريبا أعلى منطقة في اليمن، يسمونها "اللواء الأخضر" فقد رأيت فيها جمالاً لم أره من قبل (لم أغادر السعودية في حياتي إلا إلى كينيا ولمدة بسيطة) هناك شلالات، طبيعة وخُضرة! مطر، وجو عليل! أمسكت بالسحب ذات مرة!!، تعز قريبة منها في الطبيعة والجمال! ثم هناك عدن، ويالها من عدن .. مدينة واحدة تطل على البحر الأحمر المالح، ومياه المحيط الصافية من بحر العرب.. جميلة، أثرية، ذات عبق.. وصدى! ثم هناك حضرموت التي هي تقريباً مثل أجواء السعودية، مناطق صحراوية واسعة جزء منها ساحلي في المكلا، وجزء آخر "المهرة" متصل بصلالة في عمان ولكم أن تتخيلو جمالها!!
اليمن بصفة عامة وليست عدن فقط، تفوح بالعبق.. أينا تذهب هناك حضارة وثقافة!! من سبأ، تبع وحمير إلى الإسلام إلى الخلافات المتعددة، الإمامة، الإستعمار، ثم الحكومة الحديثة والوحدة!

*****

سأختم بالفن هناك، شوارعها ليست هادئة إطلاقاً أينما تذهب هي تصدح بموسيقى، قرآن، نشيد، كيفما اتفق.. كذلك السيارات و "الدباب" أو الميكروباص وسيلة النقل العامة هناك.. لست مهتمة كثيراً بالغناء.. لكن أجبروني أن أنتبه ولو قليلاً .. من مغنيهم أيوب طارش و "بعٍّدوا عن طريقنا .. جنة الحب حقنا" القاف من مخرجها السليم هنا بل وبمزيد من التقعر، لنحافظ على الفن.. :) أيضاً هناك آخر اسمه "فيصل علوي" أذكره لأني سمعت أحدهم يقول أنه يدق العود بأرجله :]
أيضاً أبو بكر سالم، أذكر له أغنية لا يملون تكرارها على الأقل في تلك الحقبة "يامسافر على البلاد، بروحي وقلبي.. سير واتركني هنا لآلام حبي"!!

إحدى تسميات لليمن، هي اليمن السعيد،، لماذا وكيف لست أدري؟؟ لكن كان لي أنا فيها سعادة ...

أنظر إليها أرى الفرح، أرى البؤس.. أرى الغنى الفاحش والفقر الدقع.. أرى العلم أرى النبوغ.. أرى الفساد .. أرى الفرص الضائعة..
أرى النعيم.. أرى النعم.. أرى القمم .. أرى القيعان...
أنظر إليها .. وأتذكر أبو بكر سالم "ومين يشبهك يا يمن.. من يشبهك؟" !!

السبت، 15 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 2

الجامعة اللي كنت أدرس بها كانت أهلية "العلوم والتكنولوجيا"، تابعة تقريباً لحزب الإصلاح في اليمن مع نفي الجامعة القاطع لذلك... التعليم هناك مفصول، إلا في الطاقم التدريسي.. وبعض فصول الدراسات العليا و بعض التخصصات الطبية.. نوعاً ما كانت ملجأً لكل من منعوا من الدراسة في السعودية (الأجانب فيها) فكان جوها تقريباً كالذي عشته سابقاً في السعودية.. ما ينفع أمدحها سأكون كمن يشهد للعروسة من عائلتها.. لكنها إلى حد كبير منافسة على الصعيد العربي! و رغم الإعتراف العالمي، وبتجربة! افترض العميد حيث أعمل أنها غير معتمدة، ربما لأنها من اليمن :(
أما بقية الجامعات.. فالتعليم مختلط وعام لكل من تخرج من المدارس اليمنية، بغض النظر عن جنسياتهم (لا تكاليف إضافية ولا إضطرار لسفر أو تشظي) ألم أقل أنها ملاذ آمن!! لكنها وكعالمنا العربي تخرّج ما لا يسمن و لايغني من جوع .. بل رتل من المتبطلين!! لكن في اليمن الحالة خاصة جدا.. فسائق التاكسي ربما يكون فيلسوفاً، أديباً، وربما ذو شهادة دكتوراه! وقد يكون ممن أنهى تعليمه في الخارج! كذلك هو البائع في المكتبة ... وسائق الباص ووو.. وربما تجدهم يتحدثون الإنجليزية أو الفرنسية بطلاقة!

*****

هو بلد تلاحظ فيه أرتفاع أسعار الخبز والطحين، والزيت والسكر.. أذكر في ضربة واحدة قاموا بمضاعفة السعر تماماَ.. قامت حينها ثورات، وهدٍّمت فيها بيوت ووزارات ومحال، طبعا كانت أول ثورة أحضرها! هو بلد فيه كمية معتبرة تستحق النظر من المجانين! يعني ممكن أن تراه نظيفاً أنيقا.. يمشي ويتحدث حواراً مستطيلاً مع أطراف لا تراهم، هو يدير الحوار وربما يحل مسائل مستعصية! ما فهمته أنه ربما كان مثقفاً عمل بجدّ وكدّ جمع شقى عمره زي مايقولو ثم ذهب ذلك في صراع غير متكافئ مع متنفّذ.. شيخ قبيلة ولاّ مسؤول (على فكرة كلمة مسؤول هناك لا تعني أبداً المسؤولية بل لا تأتي في سياق مناقشة أي وظيفة) هي فقط للتعبير عن "أنفذ بجلدك فذاك مسؤول"!

*****

ذكرت سابقا حزب الإصلاح تقريباً هم الإخوان في اليمن، وبينهم وبين السلطة حكايا وأخوة وود، هم أصدقاء ألداء! السلطة عادة لا تخسر في الإنتخابات من يفوز وبنسب خيالية هم حزب يسمى المؤتمر لا أدري تماما لأي قبيل أنسبهم ليسوا علمانيين فالدستور في البلد هو النظام الإسلامي (عادة لا يطبق إلا على الغلابة أو اللي ما عندهم ظهر)، وليسوا إشتراكيين فلطالما حاربوها أثناء الوحدة! وليسوا وليسوا .. هم فقط حزب السلطة! حزب علي عبد الله صالح! هناك أحزاب أخرى شيوعية، ناصرية، وحدوية سمٍّ ماشئت... وفي اليمن .. فقط في اليمن اجتمعوا مع الإخوان ضد السلطة (على ماذا؟ وكيف لم أفهم)..
على فكرة في اليمن أكثر من يسخر منه الشعب، محور النكات هو رئيسهم، ولا حرج في هذا!! أهي حرية لا أظن! ربما متنفس فقط!!
قبل أن أنسى هي بلد نقابات أيضاً، فيها نقابة للصحفيين، للأطباء ووو.. لكن أظنها متنفسٌ أيضاً..
مؤخراً سمعت أن بها للقاعدة قواعد.. برأيي القاعدة، هم من قرروا إرهاب النظام العالمي،، أما الحكومات فهي من تفرغ لإرهاب شعوبها... وبكليهما تتحقق المشيئة الأمريكية في المنطقة، لا أحاول أن أثبت نظرية مؤامرة بل أستقرئ الواقع فقط .. الكاميرا من حالها تحولت إلي :P

*****

أما عن الأديان، ففي اليمن غالبية من السنة والشيعة (على فكرة في الأذان الرسمي للبلد تضاف فقرة، حيّ على خير العمل!) منهم الزيدية، الإثنا عشرية، مجموعة يتسمون بالمكارم..ولهم تقاليد غريبة وحج إلى حراز ويفد إليها من الهند وبعض البلدان حجيج!! .. أيضاً عدد لا بأس به من اليهود (كانت أول مرة أشوفهم) ملتزمون بعاداتهم وظفائرهم غالباً هم في الشمال! أيضا بها مسيحيون، ولهم كنائس رأيت بعضها في عدن! ربما بسبب الإستعمار، أو ربما من التاريخ لا أدري.. عودة للسنة بها إخوان، وسلفية، صوفية ماتشاء! سمعت في منطقة في الشمال هناك قرية يحيا بها الناس كما كانت الناس أيام الرسالة، خيام، وأبيار ونخيل (طبعا ليست سينمائية بل حقيقية)!
كل هؤلاء يعيشون في سلم شعبي وتقبل رائع واحترام للآخر!

*****

يجرّني لساني للحديث والحديث... لكنني سأنهي الغد ببعض التفاصيل..
هي بلد لا تختصر ولا تختزل..
هي أرض لها ماض، وحاضر، وربما كانت أرض محشر!

الجمعة، 14 أغسطس 2009

ومين يشبهك يا يمن! - 1

كتدويناتي .. كذلك أنا! كلانا يمر بحالة تساؤل، لم تغادرني منذ فترة...
قررت ولو لحين أن أتركها، لشيء أكثر بهجة، بعض الذكريات..
كنت البارحة وكعادتي أنال وجبتي اليومية من الأخبار، وصدمت بحالة عدم الإستقرار في اليمن.. ليس لإنتماءٍ لليمن ولكن كونها كانت الحاضنة لبداياتي!! قضيت هناك مايقرب من 7 سنوات، بعد إنهاء تعليمي الثانوي في السعودية.. هنا كنت مع الأهل، هناك كنت مع أفكاري، ضميري، مصيري، .. قرارتي.. هناك شهدت حرية الإختيار (طبعا ليس لليمن فضل في هذا إذ كان من الممكن أن تكون في مكان آخر)!
المهم...
متابعة أخبارها جرّت علي سيل الذكريات منذ 3 سنوات تقريبا غادرتها! سأحكي عنها هنا كمن يمر بكاميرا تصوير، كل شيء هناك عداي (أتوقع المدونة طفشت من تفاصيلي!!).. لن ألتقط حكايا يوميات بل اليمن كمجموعة متناقضات .. إذا كان لي أن أسميها لكان لهذا نصيب :) (وأين لا نرى تلك المتناقضات، هي الحياة تقريباً)
تخيلوا أن أحد العبارات العادية هناك هي "نعم لا" :)) وتعني النفي ونعم ليست سوى سابقة مضافة لا موقع لها من الإعراب زي "قالك" في لهجتنا "مين"!!
أما "ماشي" فهي تعني لا قطعاً! في بلد فيه القاف العادية والقاف المائلة للجيم.. والجيم والجيم المصرية (ألم تجتمع هناك إختلافات العرب)، أتساءل؟

*****

إن زرت اليمن، ولم تكن من أهلها.. فأنت ذا مقام أرفع في عيون الناس.. دائما أنت أستاذ، دكتور.. وهلم جراً وإن أنكرت هذا ;) عندما يسئلونك عن الجنسية، فهي للتعارف فعلاً وفي النهاية أنت أخوهم إما في العروبة إفتراض أول أو الإسلام كإفتراض ثاني.. وهذه الإجابة دوماً حاضرة في مخيلتهم!! الغريب أنك إذا كنت من أهل البلد، وعدت لها، فأنت مستورد.. ربما جاهل، أو على الأقل مصدر للإحتيال!!
والوضع هذا فالمنكوبون في العالم العربي يعيشون سعداء هناك.. للإضافة دوماً يحتفلون بقضاياهم، ويستشعرونها!

*****

حيث حقوق المرأة حديث حيّ في كل مكان، في اليمن هي مسؤولة، كانت ملكة ذات يوم (أروى)، هي مديرة، هي زوجة، هي عاملة، هي موظفة، وحتى عاملة نظافة في شوارع العاصمة!! دون تلك النقاشات أو المحاورات.. هي تسوق السيارة وتسوق الدابة (طبعا الدواب مش حاجة غريبة أبدأ!) .. تسوقها منقبة، فاتشة (كاشفة وجهها) أوحتى شعرها ... لانقاش ولم تأت بجريرة!! هي تكتب، هي تتحدث، تتظاهربل هي الاكثرية،تظهر أينما تشاء.. تَظلم، وتُظلم.. ليست بالحالة الخاصة إطلاقا! لكن عندما أدخل للمكتبة لشراء جريدة، لم يكن العم الطيب يأتي لي إلا بتلك البائتة من اسبوع أو اثنين "نعم" قال عشان حتنظفي بيها المرايا!! :/ وفي القرى يذهب الوضع لأشد ما رأيته من قسوة، تُزوج في سن التاسعة، وبعضهم يجعلها تغطي وجهها حتى في منزلها وبين أهلها!! ايش الحكمة؟ ما أدري...

و للحديث شجون، وللتدوينة بقية :)

الثلاثاء، 11 أغسطس 2009

دقات ساعتي ..ضحكات ساخرة....

وضعت اليوم ساعة في غرفتي في مكتبي .. وأمامي !!
لا تكفيني ساعة يدي .. ساعة جهازي .. دقات ساعتي الداخلية قلبي ..
(سبحان الله كفى به توقيتا .. لكنه يستخدم هذه الأيام للشحن فقط !!)

لم أكتف بهذا حتى أضفت لهم ساعة أخرى لأضبط وقتي .. ياللسخرية .. من نفسي كنت أسخر!!
كلما دخلت ساعة ما .. كلما خرجت من النافذة دقائق وثواني ..
كنت أرى بعض جلسات السيدات الفارغة تماما من أي مضمون تحيط بها الساعات .. لا تكاد تنظر حتى ترى ساعات و بأشكال أخاذة .. أكانو يودون منها السخرية ..
أم أنهم فقط يريدون دقائق جميلة كتلك (العقارب) اللامعة التي تعدها!!
لست أدري..

*****
ساعتي هذه فيها ميزة أخرى ..
إنها تعد الدقائق بصوتِ .. بصوتِ.. بصوتِ ماذا؟؟
إنها كمن يسحق شيئا ما في طريقه ..
ثم تصدر صوت الساعة العادي..
أنظر لنفسي حيالها .. مثقلة بمهام أعيد ترتيبها بكل الطرق .. تارة أقولها صوتيا حتى أقنع نفسي بأهميتها .. وتارة أكتبها .. وتارات أخرى أستذكرها !!
ساعة من الأمام للخلف .. تارة من الخلف للأمام .. حسب الأهمية .. كلا كلا حسب الأبجدية..
وتأتي تلك الساعات بصوتها الساحق في أعماقي .. أسمعها فأندم ِلم لمْ أتحرك ..أذهب .. أعود لأنظر إليها فأراها كالفراشات حلقت عاليا .. ومضت تلتهم دقائق أخرى ..
ومع كل دقيقة أسمع ضحكتها الساخرة ..
انقضى يومي .. أفعى العقارب والثواني عليه ..!!
رحت لأرقد .. كعادتي وضعت يدي تحت خدي الأيمن ..لسبب ما أنا ممن يضعون ساعاتهم في رسغهم الأيسر!!
بدأت أتخلص من مثاقل يومي ..
ساد الصمت .. ولكن مهلا ما هذا .. يتناهي لمسمعي ذلك الصوت .. إنها ساعتي ..
هل للأحلام رقيب !!

*****

أتقلب .. ويمضي الوقت ..
وأقرر أنني لن أحلـــــــــــــــــــــــ!ـــــــــــــــــــــــم

السبت، 8 أغسطس 2009

جفاف .. ومطر!


إنها تمطر غزيراً في الخارج..
لكنها جافة كثيراً في داخلي!

فتحت كل منافذ الهواء - علّي لا أختنق، صدري ضائق..
أكاد أبدو بل أنا كذلك فعلا تائهة عن دربي ..

كيف لي أن أحمل كل تلك النظريات وأعجز عن حل أبسط ألغازي!!

تمطر .. وتمطر .. ماء ورحمة لكنها لا تصل إلى داخلي..
هي أصعب عليّ.. أن يرتوي كل ماحولي ومن حولي (أو هكذا يبدون) ولا أُروى ولا يصلني حتى ما يبلل حلقي ..
ترك الدمع مقلتي ووقف شاهدا سالباً على ألمــــــــي..

*****

تمطر .. وتمطر .. ويستمر الألم!

*****

لا أزال شاذة عن الجمع..
لا أستطيع الذوبـــــــان..
ولا أستطيع الكف عن ألم المشاهدة!!

*****

ربـــــــــــــــــــاه.. أنت ربي وأنا من عبيدك!!
ربـــــــــــاه فرحمة بي..
رباه ظلمت كثيرا.. مورداً للماء قريبا مني..
رباه .. لكني كنت أظن أنني أتركه لمعين آخر ..
لنور آخر..
إلى هناك إلى حيث جنان الحقيقة..
رباه إن عدت فلا تحرمني حنين العودة.. ولذة العناق...
رباه... جئت من سفر بعيد...
رباه إني ضالة ...

فاهـــــــــــــــــــــــدني

كتبتها ذات مطر، وجفاف أغسطس/2008

الجمعة، 7 أغسطس 2009

الجبل الخامس - قصاصات وهوامش!

قصة نبي إسرائيلي "إيليا" كما أظن! خرج من بلده فرارا بدينه.. وبين المعجزات الإلهية والمعجزات البشرية،، يروي قصة نجاحه، مالفرق؟ متى تقع؟ ما أثرها..

كما العادة مع روايات كويلهو، أحضر دفاتري لأسجل خلاصات وأقتطع قصاصات
.. كتابتها يعطيني فرصة للتوقف والتفكير فيها .. كتبت بعضها:

"ما فائدة استعادة الحياة لميت، إذا لم يؤمن الناس بمصدر هه القوة" حينها لا تفيد المعجزات إطلاقاً..
"في أحيان كثيرة لا شأن لمصير الإنسان بمايؤمن به أو يخافه!" وإلا لكان أكثرهم نعيما أكثرهم إيماناً..

"يقول الملاك للنبي: استخدم القوة، يقول إيليا: لا قوة لدي باستثناء ما يأتي من الله، يرد الملاك: لا أحد يمتلكها، لكن الجميع يستمد القوة من الله.. ورغم لك لا تستخدمونها!" فعلا أتذكر أن الصنف البشري لا يستهلك سوى 10% على حد أقصى من طاقاته، نحن معجزات تسعى!

"كل معركة في الحياة تعلمنا شيئا ما، حتى المعارك التي يخسرها! وعندما تنضج ستكتشف أنك دافعت عن أكاذيب وخدعت نفسك وعانيت من أجل هراء. فإن كنت محارباً جيدا لن تلوم نفسك على هذا، لكنك لن تسمح بتكرار أخطائك" أتذكر انتصاراتي في الإبتدائية (تحفة كنت!)..

عن الإنصات لا الحديث يقول:

"الإنصات صعب، ففي صلواتنا نحاول أن نبوح بآثامنا، ونطلب مانود أن يحدث لنا،، لكن الله يعرف كل هذا، وأحيانا يطلب منا أن ننصت إلى ما يقوله لنا الكون، وأن نتحلى بالصبر"..

"لأجيال عديدة حاول الرجال أن يفرضوا إرادتهم بالقوة وتحدثوا عن مايريدون دون أن يهتموا بما يفكر فيه الناس! وكل هذه الإمبراطوريات تحطمت.. أما شعبنا فنجا ونضج لأنه تعلم كيف ينصت!" المشكلة أننا نحن الشعوب أنصتنا حتى امتلأت أشرطتنا.. ولم يعد من متسع لنسمع لبعضنا البعض! أتساءل من سيكسر تلك الدائرة المفرغة!!

عن الحب الذي كان دافعا في القصة أكثر منه حكاية، اقتصصت:

"فهي تستطيع أن تحبه حتى دون أن يعرف بهذا، وليست بحاجة لإذن منه كي تشعر بافتقاده، لتفكر به في كل لحظة من اليوم، لتنتظره عند وجبة المساء، وألا تقلق من المؤامرات التي قد ينسجها بعض الناس ضد هذا الأجنبي..

هذه هي الحرية: أن تشعر بما قد يرغبه القلب دون أن تعير أذنك لرأي الآخرين"

"في حب امرأة اكتشفت حباً للمخلوقات كافة"

يواصل:
"ستخلف المأساة علامات خالدة، أما لحظات النصر فلا تخلف سوى ذكريات عديمة النفع!"
"كل ما كان حدوثه ممكناً ولم يحدث، ستذروه الرياح بعيداً، ولن يترك خلفه أثراً فالحياة تصنع بما نأخذه من مواقف!" - يالله كم تمنيت وتمنيت.. أينها الآن لا أثر لها حتى في سجل أحلامي..!

"رغم أن كلاً منا لديه اسم منذ ميلاده، فإنه يجب أن يتعلم تعميد حياته بكلمة يختارها لتمنح معنى لتلك الحياة" - رغم أنها تبدوا مسيحية كثيرا إذ التعميد تقليد مسيحي، لنقل علينا أن نضع شعارا لحيواتنا، قصيرة ككلمة مفعمة ككتاب!!

"أتمنى أن أسبح باسمك وأنا في كامل إرادتي، وليس لأني جبان لم أعرف كيف أختار دربي" - في كليهما سأسألك ربي، لكني في الأولى ٍسأسمع صداها في أعماقي!!

"من الضروري معرفة أنه عند انتهاء مرحلة من حياة المرء- فإن التشبث بها بعد إنتهاء الحاجة إليها، سيفقد ما تبقى من الحياة البهجة والمعنى، وسيعرض الحواس إلى خطر التشوش!"(فلا يعودون يسمعون رسائل حياتهم)
الآن علمت طعم حياة المعمرين أصحاب المقاعد والمناصب!!

"ودائما كان الأنبياء يصعدون ليتحاوروا مع الرب، ودائما كنت أتساءل لماذا يفرض ذلك؟ والآن عرفت الإجابة.. فعندما نكون فوق مرتفع نستطيع رؤية كل شيء دوننا صغيراً، وعندئذ يفقد زهونا وحزننا أهميتهما" أذكر غار حراء لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم وجبل الطور لسيدنا موسى..

أخيراً
"عندما نصل إلى نهاية حكايتنا سنتبين أنه في كثير من الأحيان، يتخفى الخير في الشر ورغم ذلك يظل خيراً ويظل جزءاً من مشيئته وتدبيره للإنسانية"

ما أدري ايش حكاية باولو مع الرحلات! فيها ملامح الخيميائي، بل أشار إلى ذلك الذي راح يبحث عند الأهرامات المصرية!
رواية ممتعة، رحلة نبي إلى النبوة تقريباً.. قد تكون رحلة أحدنا إلى رسالتنا في حياتنا!

الثلاثاء، 4 أغسطس 2009

ذاتَ فوضى!

مدخل

عندما نسعد، تبتسم وجوهنا.. تنشرح نفوسنا، ثم نرى دنيانا بذات الألق!
نغضب، ننسى كلما ما عرفناه عن الحلم.. الذكاء .. يكبر بؤبؤ العين ولا تحتل الصورة سوى ذواتنا، محيطنا أصبح غير مرئي..
نحزن، نتصاغر حتى لا نعود شيئاً، تغيم أعيننا بدمعة حيرى، هل هي بمقدار الألم؟!
وهلم جراً.. تحمل كل مشاعرنا وجوهاً، ربما رأيناها، وربما لا نزال معها على موعد!
عندما أشاهد، أو أقرأ أي قصة.. تتلبسني مشاعر الشخصيات، أذهب أقارن بيني وبينهم، أعيش معهم لبرهة.. أمثل أنا أيضا معهم!
كذلك فأنا أحب مشاهدة نفسي في كل حالاتها أيضا! نوع من الإنقسام الذاتي لكنه لايزيد عن مرة واحدة، إحداهما هي التي تشاهد!



أكثر مشاعرهم يستهويني هي تردد أحدهم، يفتح فمه ربما ليقول شيئا، لحظة ثم يعود وكأن شيئا لم يحدث.. يريد أن يدخل، يقف أمام الباب طويلاً ثم يغادر.. يحرك يده باتجاه شيء ما، ثم يعيدها إلى جيبه أو ربما يواصل إلى هدفه.. تلك اللحظات لحظات التردد والقرار.. هي هي.. لحظاتي المفضلة!

في الفرح، الحزن، الغضب، يتصاغر العالم ليدخل من خرم إبرة وربما لايدخل أصلا!
أما عند ترددي فالعالم كله ملئ نظري، كمن يبحث عن دليل!

في لحظات التردد مشاعر مؤجلة تنتظر هناك، فرح مؤجل.. جزن مؤجل.. غضب مؤجل.. ندم.. رضا.. ألم.. كلها هناك لكنها مؤجلة، تبدو لي وكأن كلاً منها يحمل عصا مرغبا أو مرهبا.. وأنا كمن ينظر إليهم حائرة أيهم بالضبط ينتظرني في الناصية القادمة!

في لحظات التردد، تبدو لي وكأنها قمة لكل أولئك الذين يحبون محادثتي، الغريب أن كلا منهم برأي مختلف،، تتعالى أصواتهم.. و أنا أنا التي تختار لست موجودة ،، فقط آذاني صاغية! إرادتي أيضا هناك، لكنها لاتدري ماذا تريد!

لحظات التردد، هي الأكثر بشرية كما أظن.. إذ يمكنني رسم وجه سعيد هو معروف الملامح أو حتى إدعاؤه،، أما وجه متردد فهو وجه يحمل آلاف الأسئلة ويبحث عن جواب! أعتبرها لحظة نخرج عن آداء روتينات أجبرتنا حياتنا على اتباعها، هي لحظة نتساءل ماذا لو؟!

يحق لك أن تسعد قدر ما تشاء، تحزن، تغضب.. لكن عند ترددك فلك زمن لتنهي تلك القمة وتغادر وأنت تحمل إجابة.. أية إجابة.. ولتلتقي بذلك المؤجل، الذي اخترته أنت، وإلا فرض عليك القرار الأكثر مللاً، ستحس وكأنك كنت آلة تلك اللحظة! ولن يكون أيا كان ذلك المؤجل ذا طعم إطلاقاً!
ستنتقل من ضجيج، وحضور، ومشاعرمؤجلة.. إلى هدوء قاتل ولحظة ميتة، وفرصة ذاهبة!
كمن وقف على باب موارب، كمن يمسك بظرف مغلق، كمن التقى أحدهم...
واختار أن لايحرك ساكنا!


مخرج

خلف ذلك الباب، عالم يستحق المشاهدة..
في ذلك الظرف، خيط نحو أمل..
ذلك الأحدهم.. كتاب يستحق القراءة!