السبت، 25 يوليو 2009

جدلية الإختيار - لماذا الكثرة تساوي العدم أو ربما أسوأ؟!

وددت أن أعود لمقعد الدراسة، ويكون كل همي مطالعة كتاب أو تلخيص درس.. أو (أقصى متعي) تنافس الأفكار مع أندادي!
في جولتي الإنترنتية استمعت لمحاضرة رائعة، و أظنني كنت مؤمنة بها قبل ذلك .. فقط لم أكن أستند إلى وقائع! لخصتها أوربما قصصت منها ما استوعبته...


من جملة مسلماتنا أنه كلما زادت حرية الناس كلما زاد رخاؤهم، وحيث أن كلمة الحرية تقابل الخيار عند الغالبية، لاتزال تلك النظرية قائمة!
في الحقيقة الأمور ليست خطية، بعض الأمثلة للتوضيح:
في الطب سابقا كان الدكتور يشخص المريض، ثم يخبره ماذا عليه أن يفعل؟ اليوم سيقول أمامك مجموعة من الخيارت: إما العلاج الكيميائي، أو الجراحي.. وهذه هي المميزات والعيوب لكليهما.. ستسأله أيهما أفضل سيقول لك قارن، لوكنت مكاني ماذا ستفعل سيقول كما نسمعهم في أفلامهم: ولكنني لست أنت؟!! تاركا المريض في حيرة من أمره..

الحياة و الموت قرارات نتخذها نحن! فهل نحن أكفاء؟

مثال مرح
في أيامنا هذه، لا شيء من أجسامنا غير قابل للتعديل، كل شيء تقريبا.. أيضا أصبحت مما لايخجل منه، النتيجة ؟ إذا كنت لاقدر الله قبيحا أو غير جذاب فهذا نتيجة لخياراتك وهو ذنبك أنت فقط؟!

أنا قبيحة لأنني اخترت القبح!.. عبارة تتجاوز كوني قبيحة فقط!

و سلسلة الأمثلة تطول وتطول..

لكن لننظر الآن بشكل مهيكل لنستطلع نتائج تنامي الخيارات:

أولاً الإحساس بالعجز، ومن ثم الإحجام
و لتبسيط المفهوم و في تجربة أجريت في أحد المتاجر، تم عرض 24 نوعا من المربيات على طاولة العرض.. النتيجة كانت إقبالاً شديدا من الناس الكل أتى وتذوق لكن نسبة من اشتروا كانت العشر فقط! ثم أجريت التجربة على 6 أنواع فقط وكانت نسب الشراء أكثر من الأولى!
يفكرون كما يلي: هذا يعجبني.. وذلك رائع، يالله وهذا يبدو طبيعيا .. وذلك تعودت شرائه.. ووو
عجز في اختيار الإفضل، ثم الإنصراف إلى حيث الإختيار أسرع!

وكذا أجريت في عروض لكتابة مقالات في جامعة ستانفورد وكذلك في برامج لاختيار الشريك..
خيارات أكثر ولكن ذات النتيجة!

يجدر بالذكر أن للقاعدة شواذ
1. عندما تعرف تماما ماذا تريد فإن كثرة الخيارات تجعلك أقرب لإختيار ما أردته تماماً، لكن نادر جدا من يعرف تماما ماذا يريد!
2. إذا كانت الخيارات كلها تقع ضمن نفس المجموعة لكن الفارق في الكم: حجم/السعة/ المساحة

ثانياً القرار و جودة الأداء
اتضح أيضا أن الناس في العادة إن اختاروا يذهبون لإختيار الأسوأ! لماذا؟
لأن الخيارات كثيرة.. يصعب تقييم أي منها بشكل موضوعي.. لذلك يسبق ويسهل عليهم الإنسياق وراء أكثرهم سطحية بينما هم مشغولون في المفاضلة بين الجوهرية

ثالثاً عدم الرضا
قد يكون المرء قد أحسن الأداء اختار وأتى بالأفضل، لكنه في النهاية لن يشعر بالرضا والقناعة.. والسؤال لماذا؟
هناك جملة من الأسباب فيما يلي سردها

1. الندم أو الخوف من الندم
نعلم جميعا أن لاشيء كامل، هناك فقط الكثير من الأشياء المناسبة أو الجيدة.. لذلك إن رأيت أن شيئا ما مما اخترته لم يكن مناسبا فمن البدهي أن البديل كان أفضل وكلما زادت البدائل كلما زاد الندم.. هذا سيء فعلاً لكن الخوف من الندم أسوأ بمراحل إذ سيمنعك من الإختيار أصلاً!

2. ثمن الفرصة (ترجمة سيئة)
يعني تمني مالم يكن موجودا، لو كان فقط في هذا الجهاز كيت وكيت لكان أفضل مما كان في غيره، طبعا واضح كلما زادت الخيارات كلما زادت (العين الفارغة) :)

3. لوم النفس
إذا لم يكن شيء بالكمال المتوقع، نتساءل ماذا حصل؟ من الملام؟
وفي ظروف شح الخيارات من السهل لوم العالم الذي لم يعطك رفاهية الإختيار، والعيش في جنة البراءة من ذلك الذنب..
أما إذا توافرت لك كل الخيارات الممكنة، فماذا أستطيع أن أقول لك سوى أنك أنت الملام في هذا ياصديقي فقف وتحمل وكن جلداً :P

نتائج
  • اتضح أن توقع الكمال هو سبب غالبية المشاكل لذلك، من الخطأ أن نؤمن بوجود الكمال، أو بما يسمى الأفضل.. هناك ما يسمى بالمناسب والمعقول .. المنطقي.. تحلّوا بالتواضع و تنازلوا عن الكمال :P
  • لاحظ أن الناس أصبحت تذهب لخدمة العملاء، المستشارين، المحاميين للإستفادة من خبرتهم نعم ولكن حقيقة من أجل التخلص من تعددية الخيارات والذهاب إلى الحل الواحد المرجح من عندهم.. وهذا يصح أيضا إذا كان ذلك الآخر لا يزيد عنك شيئا من حيث الخبرة أو المعرفة!
  • فإنت لن تعاني من المقارنة بين كل الخيارات، وهو لن يعاني من عواقب ذلك القرار فأنت من أتيت تطلب النصح، وصدقني كان بإمكانك إن تفعل فقط لو قلصت الخيارات!
  • لئلا يفقد الناس فرص مهمة وحيوية.. يجب على المجتمع وضع افتراضي في حالة غرق الشخص في لجة القرار.. لن تكون الأفضل طبعا لكنها ستنقذه على الغالب الأعم

أرجو أن المحاضرة أضافت شيئا إليكم، كما فعلت معي :) أينما كان عليكم الإختيار أو وضع الخيارات ضعوا في الحسبان ماسبق!

هناك تعليقان (2):

  1. لست أدري إن كانت هذه جدلية، ربما الترجمة الأصح أنها مفارقة!

    ردحذف
  2. محاضرة أخرى طريفة من تيد حول نفس الموضوع
    http://vidly.com/aakh

    ردحذف